إن قبيلة الهبانية لها وجود تاريخي قديم منذ دخول العرب السودان أي قبل أكثر من أربعمائة عام بعد انهيار دولة الأندلس , قَدمت قبائل عربية رعوية إلي غرب السودان استقرت في منطقه تسمي رهد الجنيد لوفرة الماء والكلأ في هذه المنطقة والتي تقع شمال الفاشر حاضرة ولاية شمال دارفور غربي مدينة كتم الحالية ، أصاب منطقة رهد الجنيد جدب وجفاف أهلك جُل الإبل فحدثت عملية انتشار (هجرات ) من تلكم المنطقة ، فبعض التكوين القبلي أتجه غرباً إلى الأراضي التشادية حالياً مثل الخزام وجزء من المحاميد وأولاد راشد , والبعض إتجه جنوباً مثل الهبانية والتعايشة وبني هلبة والرزيقات والمعالية والمسيرية . أصبحت هذه التقسيمات الأخيرة من رعاة الأبقار أو ما يسمي حالياً (البقارة) لتلائم ظروف المنطقة أما التكوينات القبلية التي لم تُهلك إبلهم قاومت الجفاف ومكثت مثل الماهرية والزيادية وجزء من المحاميد في منطقة رهد الجنيد.
كل هذه القبائل الممتهنة لحرفة الرعي تنحدر من صلب رجل واحد وهو الشيخ الجنيد ( إمام الحرم المكي ) والذي أقام في هذه المنطقة التي سميت به فترة ليست بالقصيرة , فمرض وذهب لمصر للعلاج توفي ودفن بها ومن ثم تكون القسمان الكبيران لأغلب القبائل العربية المنتشرة في غرب السودان وما حوله هما :ــ
1/ عطاوة
2/ حيماد
بالرجوع إلي قبيلة الهبانية شأنها شأن كل القبائل السودانية استقرت في منطقة محدودة مجاورة لأبناء العمومة كعذوة وحماية لبعضهم البعض وخلقت لها كيانا اجتماعيا وحدود جغرافية ونظم سياسية وإدارية معروفة باسم دار الهبانية كغيرها من عُرف قبائل عموم أهل السودان ، مثل دار الجعليين ودار الدينكا ودار المحس ودار بني عامر ودار المساليت وهذه الحدود القبلية ( الحواكير ) أكدها وثبتها لاحقا بصورة رسمية ومعترف بها محليا ودوليا الاستعمار الانجليزي .
تحديدا استقرت قبيلة الهبانية في منطقة جنوب دارفور وأكثر تحديدا في منطقة الكلكة ( محافظة برام ) سميت بهذا الاسم لكثرة الكلأ وطيب المرعي ووفرة الماء والزرع والثمار وجميع أنواع حيوانات الصيد والطيور ( حزام السافنا الغنية) ، إذن هي الحديبة أم الديار يُقال ( إن بلاد الله ثلاثة مكة العزاها الله وتونس الخضراء والكلكة الما ليها ملكة فيها رز ووز وفارسا كبير ما بفذ ) (أي يهرب ) هذه المقولة لها إشارة تاريخية واضحة وهي أصلا مقولة قديمة بقدم هذه القبيلة دالة علي أن هؤلاء القوم قدموا من تلكم الأراضي الخضراء التونسيه كما هو معروف حتى الآن عن تونس بخضرتها , وإلا كيف علموا بتلك الحقيقة ؟؟. بعد معارك ضارية وغير مألوفة مع الطبيعة القاسية والوحوش المفترسة والأفاعي السامة والفيلة الضخمة والغابات الكثيفة والتضحيات الجسام وبذل الغالي والنفيس استقرت قبيلة الهبانية في هذه البقعة ، فطاب لها المقام متسلحة بكلمة لا اله إلا الله محمد رسول الله (ص) والأسلحة البدائية .
أنشاءت قبيلة الهبانية حدوداً جغرافية وسياسية حيث يحد دار الهبانية من الشرق دارالرزيقات ومن جهة الشمال المقدومية (دارالفور) ومن جهة الشمال الغربي دار بني هلبة ومن جهة الغرب دارالتعايشه ومن الجهة الجنوبية الغربية دولة أفريقيا الوسطي ومن الجهة الجنوبية ولاية بحر الغزال جنوب السودان . حبا الله هذه القبيلة بأرض شاسعة مترامية الأطراف ساجد الخير علي ربوعها من أدناها إلي أقصاها كما أعز الله هذه الأرض بهذا الرجل الهباني المسلم المسالم الحكيم الكريم والشجاع , مُستخلفا عليها كي يعمرها بحفظ القرآن ونشر القيم الإسلامية الفاضلة من تآخي وسماحة وداعيا إلي الله بالحكمة والموعظة الحسنة ، خالقا نموذجا إسلامياً سمحاً أصله ثابت وفرعه في السماء حاضن للغير, من المسلمين ومن غير المسلمين مما دعا هؤلاء لدخول الإسلام أفواجا وجماعات ، والمحصلة إن هذه القبلية نتاج ثلاث ثقافات , أسيوية عربية إسلامية , وأروبية أندلسية وأفريقية , ممثلة في كرم وحكمة العربي وفطنة وأقدام الأروبي وقوة وبأس وسماحة الأفريقي .
اما وجدها في سنجة ليس كثيرا ،ولكن يوجد البعض منها في ام بنين وابوحجار