تعتبر قبيلة التاما التي تسكن جانبي الحدود السودانية التشادية وبعض الدول الأفريقية و أنحاء متفرقة من السودان في الوسط والشمال والشرق حتى داخل الحدود الأثيوبية والأرترية واحدة من القبائل القليلية التي يمكن أن يطلق عليها أم الشعوب لكثرة ما أنجبت هذه القبيلة من فروع وبطون ؛ فهذه القبيله التي يري علماء التاريخ والجينات من أنها أخت قبيلة الداجو المشهورة ببأسها وقوتها في فترات سابقة من تاريخ السودان القديم قد أنجبت الكثير من البطون التي بمقاييس العدد والأنفس تعتبر قبائل بحد ذاتها كقبيلة القمر والبطون الأخرى كالإرنقا و المهادى و أولاد مانا وقد إشتهرت هذه القبيلة بالسمعة الحسنة وتقبلها للآخرين حتى صارت المناطق التي تسكنها القبيلة تاريخياً ككبكابية التي كانت فيها مقر المملكة في السودان كما جاء في كتاب مولانا المرحوم أحمد عبدالقادر أرباب وشمال الجنينة ووشرقها حتي كبكابية مروراً بسرف عمرة والقرى التي حولها ومعظم مجرى وادي بارى مناطق تعج بالقبائل الأخرى التي إنصهرت معها وتعايشت معها طيلة قرون عديدة .
تنتهج القبيلة الزراعة والتجارة والرعي وتعتبر مناطقها في دارفور وشرق تشاد مناطق من أخصب المناطق وأكثرها إنتاجية للمحاصيل المتنوعة الجيدة مما حدا من قبل بسلاطين الفور المتعاقبين والوداي أبرز قوى عرفتها المنطقة في العصور الماضية من الطمع في ضم تلكم الأراضي و الإنتفاع منها ولكن لبسالة التاماويين في الدفاع عن تلكم الأراضي عجزت تلكم السلطنات في ضمها وقد أودت تلكم الأطماع بحياة السلطان الوداي خريف نهاية القرن الخامس عشر كما بقيت مناطق القبيلة الواقعة شمال غرب جبل مرة خارج سيطرة سلاطين الفور المتعاقبين إلى مقتل الأمير الفكي سنين في العام 1909 بعد أن إستبسل فرسان التاما في الدفاع عن كبكابية لأكثر من عشرة أعوام كاملة لم يتذوق فيها جنود السلطان علي دينار النصر مرة واحدة برغم الإمدادات التي كانت تأتيه. كما ساهمت هذه القبيلة مساهمات كبيرة في توطيد دعائم دولة السودان الحالية فكانت القبيلة إحدى أهم دعائم الثورة المهدية وقد كانت القبيلة من أكثر المساهمين في جيش الثورة المهدية التي كانت لها أكثر من راية و أكثر من قائد ، تؤكد المصادر التاريخية أن الفكي سنين كان يعتبر الرجل الثان في جيوش المهدية بعد محمود ود أحمد . كما كانت للقبيلة وقفات نضالية مشهودة في المراحل التي تلت الإستقلال ولعل مشاركتها في أحداث ثورة 78 وتصدرها قائمة الشهداء الذين سقطوافي ود نوباوي والحزام الأخضر لخير دليل على حضورها في كل مفاصل التاريخ السوداني قديماً وحديثاً .
قبيلة التاما ذات الأصل الثابت و التاريخ الضارب في القدم تتعرض منذ فترة ليست بالقصيرة لهجوم ناعم خافت من الذين يكتبون و يحرفون التاريخ حسداً بغية طمس الوقائع و الحقائق و بالتالي تضييع إرث القبيلة و تاريخها و طمس معالمها و ميزاتها مع مرور الوقت ؛ ولكن هيهات لأن أبناء القبيلة قد إنتبهوا قبل فوات الأوان و بذا يستحيل طمس القبيلة في ذاتها أو مقدساتها التي سعت أنظمة الإستعمار الجديد من زمن أن تجعل من هذه القبيلة مسخاً مشوهاً و تابعاً للقادمين الجدد في أرض السودان .
لقد سعت النخب الإستعمارية الحديثة من ألصاق القبيلة بإرث بني تميم و تارة إلى اليمن أو الشام و غيرها من المحاولات العبثية الزائفة اليائسة لتتضيع النسب الخالد خلود الجبال و الأودية و المعالم التي لا يعلم أحد إلا الله في قدمها و رسوخها في المنطقة. و لعل أبشع صور الهجوم و أكثرها وضوحاً هي زيارات المستعمرين الجدد لأراضي التاما التاريخية و محاولات تغيير المدن و القري التي تحمل أسماء و مدلولات تاماوية بحتة و تعريبها و هي صور فاحشة من الإزدراء و الامبالاة بنا و لعل محاولات العروبيين قي التفرقة بين القبيلة و أفرعها قد وصلت مرحلة متقدمة و ذلك بإيحاء أن الإرنقاء و التاما يتكلمان لغتين مختلفتين و إن تشابهتا!!!! أنظر كيف يفترون على الله الكذب و هم يعلمون . في أروقة و دواووين و تاريخ سلطنة دارفور ؛ يتواجد شعب التاما ليس في دارفور فقط بل في شعاب جبل مرة نفسها وهذا ما أثبته شعب الفور من أن التاما أحد القبائل الستة القديمة من سكان الجبل و هي : الفور , التنجر , المساليت , الداجو , االقمر و التاما وهي الشعوب الأقدم في المنطقة .