مواصلة للاتصال الدعوي

ـ
التطبيق على خطبة الجمعة : ـ
ـ الاتصال الدعوي في المستوى الجمعي : ـ
هو مستوى من مستويات الاتصال يتم فيه تبادل ونقل المعلومات والاتجاهات بين المرسل والمستقبل ويكون في مكان تجتمع فيه كل عناصر العملية الاتصالية . وبتطبيق النموذج الدعوي في الاتصال الجمعي يمكننا أن نقدم فذلكة تأصيلية لهذا النموذج من خلال استعراض مراحل انتقال الاتصال الدعوي عبر المستويات المختلفة ،منذ عهد الرسول صلي الله عليه وسلم (1) .
خطبة الصفا : ـ
الدلالات والمعاني والمفاهيم الاتصالية في خطبة الصفا :
بدأت الدعوة المحمدية سراً ثلاثة سنوات إلى أن أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بإظهار دينه قال تعالى : ( فأصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين ). ثم اتبع هذا الإنذار العام بإنذار خاص لقومه وعشيرته صلى الله عليه وسلم وقال تعالى : ( وأنذر عشيرتك الأقربين * وأخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين ).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1/ محمود محمد قلندر ، مصدر سابق
فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما نزلت الآية ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) صعد النبي الصفا فجعل ينادي : يا بني فهد ، يا بني عدي لبطون قريش . حتى اجتمعوا فجعل الرجل إذا لم يستطيع أن يخرج أرسل رسولاً لينظر ما في الأمر فجاء أبو لهب وقريش ، فقال أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلاً بالواد تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقي ؟ قالوا: نعم ، ما جربنا عليك إلا صدقا ، فقال : فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد ، فقال أبو لهب: تباً لك سائر هذا اليوم ، ألهذا جمعتنا ؟ فنزلت ( تبت يدا أبي لهب وتب * ما أغنى عنه ماله وما كسب ) (1)
هكذا انطلقت الدعوة وعبر مستوى الاتصال الشخصي عندما كانت سراً لمدة ثلاثة سنوات كانت تدور في الإطار بماله من سمات إقناعية حتى بلغ عدد المسلمين قرابة الستين ما بين رجل وامرأة كانوا القاعدة الأساسية لجماعة المسلمين .
ويمكننا القول أن خطبة الصفا هي التي أحدثت النقلة العظيمة للحركة بالدعوة الإسلامية في العهد المكي حيث كانت هي البداية الحقيقية للاتصال الجمعي الذي أصبح ميزة الحضارة الإسلامية في عهد النبوة والخلافة الراشدة وفي العهود الإسلامية الزاهرة . وقد كان الاتصال الدعوي قبل هذه الخطبة يدور في مستوى الجماعات الأولية مثل الأسرة والأصدقاء ، ومن يثق فيهم الرسول صلى الله عليه وسلم . ولما نزل قول الله تعالى : ( فأصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين ) أرشد الله تعالى نبيه إلى هذا الشكل الاتصالي الجديد في حمل الدعوة الإسلامية . ومن الدلالات والمعاني لهذه الخطبة فن التوقيت "ظروف الزمان المواتية- البيئة الاتصالية " . فقد اختار الرسول الكريم ظروف الزمان المواتية ودرس اللحظة المناسبة لتحقيق اكبر قدر ممكن من الإقناع لرسالة ربه (2).
الدعوة والطريقة الجماعية " خطبة الجمعة " :
الطريقة الجماعية هي الطريقة التي يقدم عبرها الداعية بمخاطبة مجموعة من الناس فيعلمهم ويرشدهم ويوجههم نحو الخير ويؤثر في سلوكياتهم وقناعاتهم وعاداتهم وتستخدم هذه الطريقة وسائل عديدة لا يمكن حصرها وأوجه نشاط دعوية


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1/ سورة المسد ، الآية ( 3، 4)
2/ سعيد بن علي ثابت ، الجوانب الإعلامية في خطاب الرسول ( نشر وزارة الشئون الإسلامية و الأوقاف والدعوة والإرشاد المملكة العربية السعودية ) www.alislam.com
من أجل هذا الغرض النبيل مثل المهرجانات والاحتفالات والمحاضرات صلاة الجمعة عن طريق خطبتها . ولأهمية الاتصال الجمعي وميزاتها وتأثيرها ينبغي أن يكون الداعية أو القائم بالاتصال الذي يخاطب هذه الحشود ويقنعها ويؤثر عليها ويوجهها لابد أن يكون ذا قدرة وكفاية في جوانبها كثيرة فالعلم والمعرفة والثقافة ، والحلم وسعة الصدر وقوة الحجة ووضوح الفكرة في نفسه والتواضع ونظافة اليد والفرج واللسان التاريخ والإخلاص والشجاعة والجهاد والكرم وحب الخير للناس وأن يكون نظيف المظهر والملبس والهندام وملتزماً بكل ما يدعو الناس إليه ، وإذا تحدث كان طلق اللسان فصيح العبارة سليماً من الأغلاط اللغوية (1) . والطريقة الجماعية طريقة قديمة جداً استخدامها الرسول صلى الله عليه وسلم في مكة يوم كان مستضعفاً وفي المدينة المنورة بعد هجرته وأقامت الدولة الإسلامية . وقد شروع الإسلام وسائل ومناسبات لاجتماع الناس لوعظهم وتعليمهم وتوجيههم وتوصيلهم للخير وتستعرض إحدى هذه الوسائل خطبة صلاة الجمعة كنموذج اتصالي تتوافر فيه جميع عناصر العملية الاتصالية الدعوية من خلال الخطبة كنموذج . يقوم الداعية بإرسال رسالته والتي تحوي مضامين رسالية لإرشاد الناس وتعليمهم بتحريك كأنه عناصر العملية الاتصالية الدعوية وحديثاً قام العلماء وفي ظل التقدم العملي والتكنولوجي لوسائل الإعلام الجماهيري والثورة الصناعية التي أحدثت نقلة في مفهوم الاتصال بالجماهير (2). قام كثير من العلماء والباحثين في شأن الاتصال بإجراء البحوث والدراسات لتأسيس علم الاتصال الإسلامي منهج يدعو إلى تناول الشأن الاتصالي تناولاً معيارياً أو مقارناً بدراسة واقع الاتصال في البلدان أو المجتمعات الإسلامية بغرض إبراز الخاصة الإسلامية في المقارنة أو العرض بإصدار كتب ومقالات تتناول واقع الاتصال في البلاد المسلمة بالتركيز على الهوية الإسلامية أو مجموعة من الكتب والدراسات تبحث في المعاني الاتصالية في بعض النصوص القرءانية كالنظر إلى بعض القرءان من منطلق اتصالي . كما أن هنالك عدد من الدراسات التي اهتمت بالنماذج الاتصالية في الإطار الإسلامي مثل نموذج الكاتب عبد الباقي زيدان حاول تقديم نموذج بياني اكتملت فيه كل عناصر الاتصال من مرسل ورسالة ووسيلة ومتلقي ويماثل نماذج غربية شهيرة مثل نموذج ديفيد بيرلو (3) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1/ محمد بن سليمان الأهدل ، أهمية يوم الجمعة وخطب مختارة ليوم الجمع . تصدر من رابطة العالم الإسلامي ، العدد 165 ، لسنة 1416هـ .
2/ أحمد بن عبد العزيز القطان وآخر ، رسائل إلى العاملين في الأهداف الرئيسية للدعاة إلى الله ، ( الكويت : دار الدعوة ، مصر : دار الوفاء )
3/ محمود محمد قلندر ، مصدر سابق .
الخاتمة : ـ
من خلال التقصي وتفعيل العملية الاتصالية توصلت الدراسة إلى : ـ
1/ أن يفهم الداعية العناصر ومستويات العملية الاتصالية يلعب دوراً كبيراً في نجاح عملية الاتصال الدعوي .
2/ أن الاتصال ألمواجهي هو أنجح مستويات الاتصال لتوافر ردود الأفعال المباشرة الأمر الذي يحتم الإقناع .
3/ إن إدراك الداعية لنفسية ولغة المدعو تساهم في نجاح العملية الدعوية .
4/ نجاح المحاولات البحثية في الإعلام الإسلامي في إصدار نماذج اتصالية مماثلة للنماذج الغربية .
5/ مطابقة الاتصال الدعوي ( الدعوة ) بمستويات الاتصال وعناصره في العملية الاتصالية لتوافرها في الحقل الدعوي .
6/ نوصي بتدريب وتأهيل الدعاة في كيفية الاستفادة والتعامل مع الوسائل الاتصالية .
7/ ضرورة إلمام الداعية بالمهارات اللغوية وتوصيل الرسالة الدعوية .
8/ تهيئة البيئة الاتصالية فيما يتعلق بخطب الجمعة .
9/ مواكبة التطور التكنولوجي للإكثار في المواقع والمنتديات الدعوية .
10/ الاهتمام بالاتصال الثقافي وحوار الحضارات .